كتاب حماية الصحفيين ومقرات الصحافة أثناء النزاعات المسلحة
تتوالى في هذه الأيام أحداث جسام، وحروب عظيمة، استُخدم فيها أبشع ما أنتجه الفكر البشري من وسائل إبادة ودمار، وتم توجيهها إلى صدور الآمنين، لا تفرق بين طفل وشيخ، ولا بين امرأة ورضيعها، فكانت النتيجة سقوط عشرات الآلاف من هؤلاء الضحايا كما تتساقط أوراق الخريف. إن السواد الأعظم من ضحايا النزاعات المسلحة التي دارت وتدور في أرجاءٍ مختلفة من عالمنا هذا، هي غالباً ما تكون من الفئات غير المشاركة في هذه النزاعات، والتي أوجب القانون الدولي الإنساني حمايتها أثناء النزاعات المسلحة، فلم يسجل التاريخ المعاصر حرباً لم تكن غالبية ضحاياها من الفئات غير المشاركة فيها، ولم نسمع بأن حرباً دارت دون أن يكون العدد الأكبر من القتلى هم من الفئات المحمية بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني، ولعل أهم فئة تتصدر الضحايا المتضررة من النزاعات المسلحة هي فئة المدنيين، التي دائماً ما يكون لها النصيب الأكبر من الخسائر في الأرواح. إن الناظر في أسباب نشوب النزاعات المسلحة المعاصرة لا يجد ـ في الغالب ـ سنداً قانونياً يدعم شن هذه الحروب، مما يضفي عليها صفة الحرب العدائية التي حرمتها المواثيق الدولية، وحرمت كذلك مجرد التهديد بشنها، وقد كُرّس هذا المبدأ في المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة والتي نصت على ما يلي: "يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة". إن المطامع السياسية والاقتصادية، وحب الهيمنة وإقصاء الآخرين، أصبحت من الملامح الرئيسة التي تهدد الإنسانية وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، وهي غالباً ما تكون السبب الرئيس لنشوب النزاعات المسلحة. وبسبب هذه الأطماع، أصبح العالم يبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق السلام المنشود، وعن تخفيف ويلات الحروب التي تلحق بضحايا النزاعات المسلحة، بدلاً من أن يكون هذا العالم أكثر تحضراً، وأكثر التزاماً بتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني، في وقت تدعي فيه القوى المهيمنة على العالم بأنها تسعى لجعل العالم أكثر أمناً وسلاماً، على الرغم من تسببها المباشر في معاناة الملايين من الآمنين نتيجة تعنتها وإصرارها على الخروج عن أحكام الشرعية الدولية. إن الأحداث التي يشهدها العالم، قد أكدت وبشكل قاطع عدم التزام أطراف النزاع بالقوانين الدولية التي تحكم خوض الحرب، أو تلك التي تضفي الحماية القانونية الدولية على فئات معينة من غير المشاركين في هذه الحرب، بحيث تم تسجيل خروقات قاسية لا تدع مجالاً للشك بأنها ارتكبت عمداً مع سبق الإصرار. إزاء ذلك، كان لا بد من مساءلة أطراف النزاع عن هذه الانتهاكات، بحيث تقيد هذه المساءلة أطراف النزاع ولا تترك لهم الحبل على الغارب في قتل من يشاؤون من البشر دون أن تكون هناك مسؤولية على أعمالهم تلك. لذلك فقد أخرج المجتمع الدولي إلى الوجود فكرة المحكمة الجنائية الدولية، والتي يتم من خلالها مساءلة الأفراد جنائياً عما يرتكبونه من انتهاكات لأحكام القانون الدولي الإنساني أثناء النزاع المسلح، وذلك في حالة ثبوت قيامهم أو ثبوت مسؤوليتهم عن هذه الانتهاكات، وذلك في محاولةٍ من المجتمع الدولي للتخفيف من ويلات الحروب أكبر قدرٍ ممكن، وحماية الفئات غير المشاركة من أية انتهاكات قد توجه ضدهم في خضم هذه الحروب، والتي أصبحت لا تفرق بين مقاتلٍ وغير مقاتل، ولا بين هدفٍ عسكريٍ وهدفٍ مدني. وفي غمرة هذه الأحداث تبرز من بين الفئات المحمية، وتحديداً من فئة المدنيين، طائفة تسعى دائماً إلى تغطية أحداث النزاع المسلح، ونقل ما يحدث في ساحاتها إلى العالم الذي يهتم بالتواصل مع هذه الحروب أولا ً بأول، إنهم طائفة (الصحفيين) الذين أضفى عليهم القانون الدولي الإنساني صفة المدنيين، رغم الاختلاف الجوهري بين الصحفي والمدني تجاه النزاع المسلح، حيث إن الأول يزج بنفسه في ساحة المعركة بحثاً عن الخبر، بينما يسعى الثاني إلى الهروب من ساحة المعركة بحثاً عن النجاة، فكان من الأولى أن يكون هذا الفارق الجوهري مدعاة للمشرع الدولي لإضفاء حماية خاصة لهم أثناء النزاع المسلح. وكذلك تبرز أهمية حماية مقرات هؤلاء الصحفيين بصفتها أعياناً مدنية ضرورية لاستمرار ممارسة الصحفيين لمهامهم أثناء النزاعات المسلحة، فالحديث عن الصحفيين، لا بد وأن يطال الحديث عن مقراتهم الصحفية، على اعتبار أن كليهما يعمل كوحدة واحدة في العمل الصحفي، فالصحفي لا بد له من مقر لممارسة مهنته وكذلك فإن مقر الصحافة لا يمكن له أن ينتج دون أن يعمل الصحفيون من خلاله. من هنا كان التلازم بين الصحفيين ومقراتهم الصحفية في إنجاز الأعمال الصحفية. ورغم غياب النص القانوني الدولي الصريح باعتبار مقرات الصحافة أعياناً مدنية، إلا أن تعريف الأهداف العسكرية الوارد في نص المادة (52/2) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، جعل مقرات الصحافة تخرج عن مفهوم الأهداف العسكرية، وبالتالي فإن كل ما يخرج عن مفهوم الأهداف العسكرية المحدد في نص المادة المذكورة، يصبح تلقائياً عيناً مدنيةً لا يجوز مهاجمته ما دام لا يرتبط بالعمل العسكري بأي صفة، وما دام تدميره أو تعطيله لا يحقق ميزة عسكرية أكيدة. وقد أظهر تقرير للجنة حماية الصحفيين (CPJ) الدولية، أن عام 2024 شهد عددًا قياسيًا من الصحفيين الذين قُتلوا في جميع أنحاء العالم، وتتحمل "إسرائيل" المسؤولية عن نحو 70% من إجمالي الضحايا. ففي "غزة" وحدها بلغ عدد الصحفيين الذين استشهدوا على يد الآلة الحربية للاحتلال (238) صحفياً بعد المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصفه لخيمة الصحفيين بمحيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة بتاريخ 10-8-2025. ولقد أصبحت مقرات الصحافة أهدافاً لنيران المدافع وقذائف الطائرات أثناء النزاعات المسلحة، وتحت ذرائع واهية. وأحياناً كثيرة، أصبحت تقصف هذه المقرات دون ذرائع أو مبررات تذكر، وكأن شيئاً لم يحدث، فكانت النتيجة دماراً لهذه المقرات على من بداخلها ودون تحقيق أي ميزة عسكرية تذكر، على غرار ما حدث في العراق ولبنان وفلسطين. كذلك، فلقد أصبح الإفلات من العقاب على هذه الأفعال بحق مرتكبيها هو السمة الغالبة على مثل هذه الجرائم والانتهاكات، فلم نعد نسمع عن محاكمة لمرتكبي الانتهاكات بحق الصحفيين ومقرات الصحافة، رغم وضوح الانتهاك، ووضوح شخصية الفاعل في أغلب الأحيان، الأمر الذي يستدعي البحث وبشكل جدي في هذا الموضوع لوضع حد لمثل هذه الانتهاكات، والتي أصبحت تأخذ شكل العبثية وعدم الاكتراث بالإنسان في الآونة الأخيرة. انطلاقاً من هذه الأسباب، وانطلاقاً من هذا الواقع الملموس، ومن الحقائق الأكيدة التي تحتويها النزاعات المسلحة بهذا الشأن، سنتناول في فصول هذا الكتاب الحماية القانونية الدولية للصحفي باعتباره مدنياً، ولمقرات الصحافة باعتبارها أعياناً مدنية، وذلك وفق أحكام القانون الدولي الإنساني. هذه الحماية التي لم تعرفها المجتمعات إلا في العصور المتأخرة، بينما نجد أنه لا بد من الاعتراف للشريعة الإسلامية الربانية، بالفضل والأسبقية على هذه التشريعات الوضعية بما منحته من حماية للفئات غير المشاركة في النزاعات المسلحة، حيث قررت هذه الحماية منذ مئات السنين في وقتٍ لم تكن هذه الأمم المتحضرة تعرف معنى حماية ضحايا الاقتتال.
باسم خلف العساف - من القانون الدولي العام والخاص - مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية.
معلومات عن كتاب حماية الصحفيين ومقرات الصحافة أثناء النزاعات المسلحة:
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
وصف الكتاب : تتوالى في هذه الأيام أحداث جسام، وحروب عظيمة، استُخدم فيها أبشع ما أنتجه الفكر البشري من وسائل إبادة ودمار، وتم توجيهها إلى صدور الآمنين، لا تفرق بين طفل وشيخ، ولا بين امرأة ورضيعها، فكانت النتيجة سقوط عشرات الآلاف من هؤلاء الضحايا كما تتساقط أوراق الخريف. إن السواد الأعظم من ضحايا النزاعات المسلحة التي دارت وتدور في أرجاءٍ مختلفة من عالمنا هذا، هي غالباً ما تكون من الفئات غير المشاركة في هذه النزاعات، والتي أوجب القانون الدولي الإنساني حمايتها أثناء النزاعات المسلحة، فلم يسجل التاريخ المعاصر حرباً لم تكن غالبية ضحاياها من الفئات غير المشاركة فيها، ولم نسمع بأن حرباً دارت دون أن يكون العدد الأكبر من القتلى هم من الفئات المحمية بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني، ولعل أهم فئة تتصدر الضحايا المتضررة من النزاعات المسلحة هي فئة المدنيين، التي دائماً ما يكون لها النصيب الأكبر من الخسائر في الأرواح. إن الناظر في أسباب نشوب النزاعات المسلحة المعاصرة لا يجد ـ في الغالب ـ سنداً قانونياً يدعم شن هذه الحروب، مما يضفي عليها صفة الحرب العدائية التي حرمتها المواثيق الدولية، وحرمت كذلك مجرد التهديد بشنها، وقد كُرّس هذا المبدأ في المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة والتي نصت على ما يلي: "يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة". إن المطامع السياسية والاقتصادية، وحب الهيمنة وإقصاء الآخرين، أصبحت من الملامح الرئيسة التي تهدد الإنسانية وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، وهي غالباً ما تكون السبب الرئيس لنشوب النزاعات المسلحة. وبسبب هذه الأطماع، أصبح العالم يبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق السلام المنشود، وعن تخفيف ويلات الحروب التي تلحق بضحايا النزاعات المسلحة، بدلاً من أن يكون هذا العالم أكثر تحضراً، وأكثر التزاماً بتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني، في وقت تدعي فيه القوى المهيمنة على العالم بأنها تسعى لجعل العالم أكثر أمناً وسلاماً، على الرغم من تسببها المباشر في معاناة الملايين من الآمنين نتيجة تعنتها وإصرارها على الخروج عن أحكام الشرعية الدولية. إن الأحداث التي يشهدها العالم، قد أكدت وبشكل قاطع عدم التزام أطراف النزاع بالقوانين الدولية التي تحكم خوض الحرب، أو تلك التي تضفي الحماية القانونية الدولية على فئات معينة من غير المشاركين في هذه الحرب، بحيث تم تسجيل خروقات قاسية لا تدع مجالاً للشك بأنها ارتكبت عمداً مع سبق الإصرار. إزاء ذلك، كان لا بد من مساءلة أطراف النزاع عن هذه الانتهاكات، بحيث تقيد هذه المساءلة أطراف النزاع ولا تترك لهم الحبل على الغارب في قتل من يشاؤون من البشر دون أن تكون هناك مسؤولية على أعمالهم تلك. لذلك فقد أخرج المجتمع الدولي إلى الوجود فكرة المحكمة الجنائية الدولية، والتي يتم من خلالها مساءلة الأفراد جنائياً عما يرتكبونه من انتهاكات لأحكام القانون الدولي الإنساني أثناء النزاع المسلح، وذلك في حالة ثبوت قيامهم أو ثبوت مسؤوليتهم عن هذه الانتهاكات، وذلك في محاولةٍ من المجتمع الدولي للتخفيف من ويلات الحروب أكبر قدرٍ ممكن، وحماية الفئات غير المشاركة من أية انتهاكات قد توجه ضدهم في خضم هذه الحروب، والتي أصبحت لا تفرق بين مقاتلٍ وغير مقاتل، ولا بين هدفٍ عسكريٍ وهدفٍ مدني. وفي غمرة هذه الأحداث تبرز من بين الفئات المحمية، وتحديداً من فئة المدنيين، طائفة تسعى دائماً إلى تغطية أحداث النزاع المسلح، ونقل ما يحدث في ساحاتها إلى العالم الذي يهتم بالتواصل مع هذه الحروب أولا ً بأول، إنهم طائفة (الصحفيين) الذين أضفى عليهم القانون الدولي الإنساني صفة المدنيين، رغم الاختلاف الجوهري بين الصحفي والمدني تجاه النزاع المسلح، حيث إن الأول يزج بنفسه في ساحة المعركة بحثاً عن الخبر، بينما يسعى الثاني إلى الهروب من ساحة المعركة بحثاً عن النجاة، فكان من الأولى أن يكون هذا الفارق الجوهري مدعاة للمشرع الدولي لإضفاء حماية خاصة لهم أثناء النزاع المسلح. وكذلك تبرز أهمية حماية مقرات هؤلاء الصحفيين بصفتها أعياناً مدنية ضرورية لاستمرار ممارسة الصحفيين لمهامهم أثناء النزاعات المسلحة، فالحديث عن الصحفيين، لا بد وأن يطال الحديث عن مقراتهم الصحفية، على اعتبار أن كليهما يعمل كوحدة واحدة في العمل الصحفي، فالصحفي لا بد له من مقر لممارسة مهنته وكذلك فإن مقر الصحافة لا يمكن له أن ينتج دون أن يعمل الصحفيون من خلاله. من هنا كان التلازم بين الصحفيين ومقراتهم الصحفية في إنجاز الأعمال الصحفية. ورغم غياب النص القانوني الدولي الصريح باعتبار مقرات الصحافة أعياناً مدنية، إلا أن تعريف الأهداف العسكرية الوارد في نص المادة (52/2) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، جعل مقرات الصحافة تخرج عن مفهوم الأهداف العسكرية، وبالتالي فإن كل ما يخرج عن مفهوم الأهداف العسكرية المحدد في نص المادة المذكورة، يصبح تلقائياً عيناً مدنيةً لا يجوز مهاجمته ما دام لا يرتبط بالعمل العسكري بأي صفة، وما دام تدميره أو تعطيله لا يحقق ميزة عسكرية أكيدة. وقد أظهر تقرير للجنة حماية الصحفيين (CPJ) الدولية، أن عام 2024 شهد عددًا قياسيًا من الصحفيين الذين قُتلوا في جميع أنحاء العالم، وتتحمل "إسرائيل" المسؤولية عن نحو 70% من إجمالي الضحايا. ففي "غزة" وحدها بلغ عدد الصحفيين الذين استشهدوا على يد الآلة الحربية للاحتلال (238) صحفياً بعد المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصفه لخيمة الصحفيين بمحيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة بتاريخ 10-8-2025. ولقد أصبحت مقرات الصحافة أهدافاً لنيران المدافع وقذائف الطائرات أثناء النزاعات المسلحة، وتحت ذرائع واهية. وأحياناً كثيرة، أصبحت تقصف هذه المقرات دون ذرائع أو مبررات تذكر، وكأن شيئاً لم يحدث، فكانت النتيجة دماراً لهذه المقرات على من بداخلها ودون تحقيق أي ميزة عسكرية تذكر، على غرار ما حدث في العراق ولبنان وفلسطين. كذلك، فلقد أصبح الإفلات من العقاب على هذه الأفعال بحق مرتكبيها هو السمة الغالبة على مثل هذه الجرائم والانتهاكات، فلم نعد نسمع عن محاكمة لمرتكبي الانتهاكات بحق الصحفيين ومقرات الصحافة، رغم وضوح الانتهاك، ووضوح شخصية الفاعل في أغلب الأحيان، الأمر الذي يستدعي البحث وبشكل جدي في هذا الموضوع لوضع حد لمثل هذه الانتهاكات، والتي أصبحت تأخذ شكل العبثية وعدم الاكتراث بالإنسان في الآونة الأخيرة. انطلاقاً من هذه الأسباب، وانطلاقاً من هذا الواقع الملموس، ومن الحقائق الأكيدة التي تحتويها النزاعات المسلحة بهذا الشأن، سنتناول في فصول هذا الكتاب الحماية القانونية الدولية للصحفي باعتباره مدنياً، ولمقرات الصحافة باعتبارها أعياناً مدنية، وذلك وفق أحكام القانون الدولي الإنساني. هذه الحماية التي لم تعرفها المجتمعات إلا في العصور المتأخرة، بينما نجد أنه لا بد من الاعتراف للشريعة الإسلامية الربانية، بالفضل والأسبقية على هذه التشريعات الوضعية بما منحته من حماية للفئات غير المشاركة في النزاعات المسلحة، حيث قررت هذه الحماية منذ مئات السنين في وقتٍ لم تكن هذه الأمم المتحضرة تعرف معنى حماية ضحايا الاقتتال.